بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين

الشاعرة الجزائرية "صفية كتو" تنطق من ملكوت الصمت.. أحلم أن يحلم بي الحلم

الشاعرة الجزائرية "صفية كتو" تنطق من ملكوت الصمت.. أحلم أن يحلم بي الحلم

اشتهت أن تقطف فاكهة الصمت المقدّس من شجرة الموت المُحرّمة، فأوقفت "تكتكات" ساعتها قبل أن تقرع الشّمس أجراس منتصف النّهار، ثم أوغلت في رحيل أبديّ صوب "كوكبها البنفسجي" حيث منتهى الجمال المتحرّر من قبح البشر
، وتركت نافذة شبه مُغمضة على غرفة اللغز كي يتسلّل ما تعزفه "جنيّة الكلام" على أوتار "صديقها القيثار" ما تبقّى من لحن عالق بحكايا سنونوة الرّمل، كلّما أذّن 28 جانفي في يوميات الناس ذكرى تحرّرها من قمقم القهر وإدانتها لطلسم ذكوري أختزل كونية المرأة في أنثى منتهى حريتها أن تصهل في قارورة "عطر الشبق".. أو كما يسمّيها الناس ذكرى انتحارها سنة 1989.
اشتهت أن تقطف فاكهة الصمت المقدّس من شجرة الموت المُحرّمة، فأوقفت "تكتكات" ساعتها قبل أن تقرع الشّمس أجراس منتصف النّهار، ثم أوغلت في رحيل أبديّ صوب "كوكبها البنفسجي" حيث منتهى الجمال المتحرّر من قبح البشر، وتركت نافذة شبه مُغمضة على غرفة اللغز كي يتسلّل ما تعزفه "جنيّة الكلام" على أوتار "صديقها القيثار" ما تبقّى من لحن عالق بحكايا سنونوة الرّمل، كلّما أذّن 28 جانفي في يوميات الناس ذكرى تحرّرها من قمقم القهر وإدانتها لطلسم ذكوري أختزل كونية المرأة في أنثى منتهى حريتها أن تصهل في قارورة "عطر الشبق".. أو كما يسمّيها الناس ذكرى انتحارها سنة 1989.

الموتى يعزّون الأحياء

سنونوة الرّمل الشاعرة والإعلامية الجزائرية "صفية كتو" تعود في ذكرى رحيلها من "جسر تيلملي" بالعاصمة الجزائرية، المكان الذي شهد انتحارها المُلغزّ، فقد اختار مبدعون وكتّاب من جيل الشباب أن يكون يوم 28 جانفي مناسبة لـ"إلقاء الإبداع إلى الشارع كي تحتضنه الجماهير" وتحرير الحراك الأدبي والفني من المناسبات الرسمية والأماكن الضيّقة والخروج به إلى الشمس والهواء ودنيا العابرين.
سنونوة الرمل على موعد مع احتفالية تكريمية متفرّدة لم تحظ بها في حياتها، فجسر "الانتحار" يتزيّن سياجه بالأشرطة الحريرية الصفراء وبصور الشاعرة وكتاباتها، على أنغام العازفين، ولوحة جدارية تقول بأبجدية اللون ما لم تقله "صفيّة" بصرخة الحرف، يحظى من تستوقفه بالهدايا والحلوى والأزهار الصفراء.. وهذا الأصفر في شرائط الحرير والأزهار، أراده منظّمو المبادرة إحالة إلى "عين الصفراء" في عمق الصحراء الجزائرية، ذاك الـ"هناك" الذي انطلقت منه سنونوة الرّمل بأجنحة حالمة تكسّرت ذات شتاء فولاذي على جسر تيلملي بالعاصمة.


من غربة الروح إلى اغتراب المكان

في أقاصي العزلة بالعين الصفراء، الاسم الأخر لمدينة العين الصافية في عمق الصحراء الجزائرية، أين تفرش جنّيات الصحاري أزاهيرها للأساطير وأين ينتشي الليل بمسامرة النجمات المتسكّعة في سماوات كالمرايا، وُلدت الشاعرة والإعلامية الجزائرية "زهرة رابحي" في 15 نوفمبر 1944 في ظروف عالمية كانت البشرية تمضغ جمر جهنّم في الحرب العالمية الثانية، وفي ظروف جزائرية تموج بمخاضات وإرهاصات الوعي بثورة التّحرّر، وفي ظروف واقع يرزح تحت استعمار دمويّ من ينل تحت رحاه "نعمة" تعلّم القراءة والكتابة – بأي طريقة كانت- فهو المحظوظ الذي تحسده حتى حبّات الرّمل الصحراوي.
ليس هناك كتابات توثّق طفولة الشاعرة، وما انتهى إلينا يفيد أنها توجّهت إلى المطالعة والتأمل، وأنها بدأت الكتابة الإبداعية في سنّ الخامسة عشرة من عمرها.
اشتغلت "زهرة" منذ فجر الاستقلال سنة 1962 وإلى غاية 1969 في مجال التعليم كمُدرّسة للغة الفرنسية، ثم التحفت أحلامها وكسرت غربة روحها التوّاقة إلى فضاء لا تحاصره كثبان الرمل بسكونها القاتل، وغامرت صوب الجزائر العاصمة في مطلع السبعينات فاشتغلت كمتعاونة في وزارة التربية والتعليم ثم مُوظّفة في شركة فلاحية، ومع بداية 1973 ولجت عالم الصحافة من أبواب وكالة الأنباء الجزائرية، وأفردت أجنحتها كمحققة صحفية.. وتدفّقت كتاباتها الأدبية عبر عناوين إعلامية متعدّدة كمبدعة لها مكانتها وعضويتها في اتحاد الكتّاب الجزائريين.
غير أن سنونوة الرمل التي انطلقت من صحرائها باسم "زهرة رابحي" اختارت اسما آخر وقّعت به أعمالها الأدبية هو "صفية كتو". والتوقيع تحت اسم مستعار في ذلك الوقت كان حلاّ عربيا "نسويا" لجأت إليه أديبات عربيات كثيرات..

"صفيّة" تؤثّث الكوكب البنفسجي

اعتنقت "صيّفة كتو" عقيدة الإنسانية وفتحت نوافذها على العالم مُبشّرة بالصفاء والجمال وكتبت أعمالها باللغة الفرنسية عن الحياة الاجتماعية وقضايا الإنسان في كل مكان من العالم وارتبطت بقضايا أمتها لا سيما القضية الفلسطينية، وأرادت أن تستبق المستقبل و"تجرجره" إلى حاضرها كما رسمته في خيالها جميلا وصافيا ونقيّا، وجاء في إحدى قصائدها:
أريد أن يكون وطني فرحا
حتى يكبر الأطفال
في قلب الأغاني

ولم تتوقف "صفيّة" عند الكتابة الشعرية، فقد كتبت القصة القصيرة واُغرمت بقصص الخيال العلمي فأثمر "غرامها" عن مجموعة قصصية حملت عنوان "الكوكب البنفسجي".
وتختصر "صفية كتو" تجربتها الأدبية قائلة:" اخترت عالم الخيال حتى أجد انطلاقة في الزمان والمكان، ففي الفضاء لا توجد حدود وهذا ما يجعلني أعيش أجواء مختلفة مدهشة، وأبطالا خياليين حتى الآن لم يُوجدوا في الأعمال الأدبية ".

وقبل أن تُوقد "صفية" شمعة في أعماقها لا تطفئها الريح، وتقول للإنسان أينما كان: ها أنا على كوكبي البنفسجي، لم أعد أن يحلم بي الحلم أيها العالم المجنون الذي يرفض الصفاء والجمال.. تركت ميراثا بلا وصية:
صديقتي القيثارة (مجموعة شعرية مطبوعة بكندا)
الكوكب البنفسجي (مجموعة قصصية مطبوعة بكندا)
أسما (مسرحية لم تطبع)
زهرة الرمال (مجموعة قصصية للأطفال)
ورواية حول البعد الاجتماعي النفسي لم تطبع، بالإضافة إلى رصيد كبير من المقالات والتحقيقات الصحفية.

رسالة اليك: لا تنسى ترك تعليق ويشرفنا تواجدك معنا
أصدقاء(تواصل)
تعليقات Facebook
0 تعليقات Blogger

لا توجد تعليقات على موضوع " الشاعرة الجزائرية "صفية كتو" تنطق من ملكوت الصمت.. أحلم أن يحلم بي الحلم "

إرسال تعليق