بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين

ياسمينة - ايزابيل ابرهاردت كتاب مطرجم بالعربية

السلام عليكم ورحمة الله
بينما كنت أتصفح النات وجدت كتاب للاديبة ازابيل ابرهاردت والتي عاشة في عين الصفراء ودفنت فيها وقلت في نفسي يوجد الكثيرين من ابناء مدينتي من يسمعون عنها ولكنهم لم يطالعوا كتبها ورواياتها.
لهذا اعرض لكم اليوم كتاب ياسمينة بملف pdf سوف تجدونه اسفل هذه السطور .

تشكل الأديبة الفرنسية إيزابيل إبرهاردت حالة اقتران جميلة بين الصوفية الشرقية والفضول الغربي المتلهف لوعود الكشف الروحاني، ما يجعل قصصها جسورا ناعمة بين حضارتين متعاركتين، ومن إعصارها الأنثوي دوامة تتدفق الحياة من عمقها بلا انتهاء.
أذن وسط فكري متعدد الثقافة في فرنسا بولادة كاتبة مغامرة ثائرة، ارتدت ملابس الرجال ورافقت رحلات الاستيطان إلى الجزائر، فأحبت الارض الوحشية بكل جوارحها؛ كتبت لها وعنها، التحمت بروحها مع كل تفاصيل حياة شعبها وطقوس عيشه. انغماسها في تحليل الحياة الإنسانية، دفعها لإدانة التمييز الذي تفرضه الشؤون السياسية الاقتصادية الجديدة، والسلب المخزي والفاضح للسكان الاصليين. أما شغفها بالذهاب الى عمق الاشياء، عشقها للفضاءات الرحبة، ظمأها لاستكشاف المجهول، جعلت منها اول امرأة مراسلة حرب في نهاية القرن التاسع عشر. حتى الآن وبعد مرور اكثر من قرن على وفاتها، لا يزال الكتّاب ينشرون كتبا عن اعمالها وشخصيتها الاسطورية المتميزة. تعتبر اعمالها وثائق شاهدة على العصر وعلى فترة مهمة من تاريخ الجزائر.
ترصد قصص المجموعة المنشورة تحت عنوان "ياسمينة"، ترجمة حسن دواس، إصدار المجلس الوطني للثقافة والفنون الكويت 2012، ميل إبرهاردت إلى حالات الاحساس بالوحدة التي تمهد لنشوة مولد جديد. ففي "الغريمة" يستسلم المتشرد الى نار السكينة اللامتناهية، لينام وحيدا مجهولا بين اناس بسطاء واجلاف، في مكان مجهول من الصحراء، بينما تضيف "نحيب اللوز" إلى نشوة الوحدة الغريبة عبء الشيخوخة المتهالكة في انتظار ساعة الرحيل.
في قصة "ياسمينة" تصطدم رقة الشعور بصلف الجمود الحضاري، معلنة سوء تصريف الحيوات في ظلمات الأقدار. فياسمينة البدوية التي تترعرع في وسط طللي جنائزي، منحها فيضا من القدرية والحلم، تلتقي في ربيعها الرابع عشر بملازم فرنسي شاب ذي روح مغامرة وحالمة. يرى كل شيء فيها مطبوعا بسحر يكاد يكون صوفيا. فراغ فؤاده الخارج لتوه من دائرة الغموض البهيج للمراهقة، حياته المنعزلة بعيدا من مسقطه، يقذفانه نحو المجهول المربك لهذه المغامرة البدوية، فيحبها بكل العنفوان الطافح للحب الاول، لرجل يمتزج عنده حب الجسد بالروح، ويضفي عليه شكل حنان حقيقي. يقترن اللقاء الجسدي باستنارة روحية حادة تخرجهما من عوالم الظلام. بيد ان ما يحبه الملازم في ياسمينة، هو الكائن الخارج من مخيلته، وغير المشابه للواقع والحقيقة. لذلك يسهل عليه نسيانها حين ينقل الى مكان آخر، مؤثراً المنصب والاشياء الاوروبية التي تسيطر باستبداد على حياته، والتي لا يمكن ياسمينة ان تفهمها لأن ذهنيتها البسيطة الجاهلة، حيث تنام بعمق القوى الحية، لم تبدأ بإعمال فكرها إلا بعدما أحبت. تبقى في انتظاره في الماخور حتى يمر بها بعد خمس سنوات، ويرمي لها نقوده ويمضي. لم يفهم كيف كان الشكل الاول لأناه الواعية افضل واجمل من الشكل الثاني الذي اقترن بالعقل المعاصر، المغتر الاناني والناقد الذي اخترقه شيئا فشيئا. تمنت عندئذ ان تراه ميتا، كي تعيش ثانية ساعات الماضي الغامرة بالوجد والسحر، ساعات النشوة والحب.
تأخذنا قصة "النقيب" نحو صراعات التطويع الاستيطاني، وممانعة الانبثاق الحر للفردانيات، في إطار ما يسمّى التعصب للرداءة. تعتمد إظهار التقابل بين المستعمِر والمستعمَر من خلال المواجهة بين الطبيب جاك الممثل للنبل والثقافة والانفتاح على الآخر المختلف وقبوله، والنقيب المجسد لسلطة الاحتلال الفرنسي والمتأبد في غرور التفوق العنصري. فالطبيب الشاب يستكين بمجرد وصوله إلى مفردات الكشف والتجلي التي يراها تستغرق كل شيء في الجزائر، بدءا بالمدى اللامتناهي الذي يوشوش باتساع حلمه وامتداده، والتعمد بالنور الفاتن، روح الارض الحارة الشرسة. ثم التناغم مع حالات اليوم وتغيرات الضوء وصولا الى الليل وهو يتهيأ للأسرار المتوعدة. حلقة صوفية تعشق حلم الطبيب بالحرية والانعتاق، يخلخلها تدخل النقيب في أفكاره وتصرفاته، لإلغاء شخصيته، تقنين أفكاره، وتعطيل استقلالية افعاله.
جاك الذي اكتشف كنوزا من السلم الجليل ومن الحنين الخصب، نظم حياته كي يتألم أقل ويفكر أكثر، ثم بلور إيمانه بالقوة الحية للحقيقة وبفضيلة العمل المخلصة للبشر. أما حلمه حول الدور التمديني لفرنسا، فأجهضه النقيب حين أوضح له هدف النظام المتمثل في عدم اثارة أي تفكير عند الاهالي، عدم الايحاء بأي امل، خصوصاً في مصير افضل. فالوفاء لمعيار الواجب العسكري يقتضي دك الفردانيات وتحويلها إلى انقياد أعمى، وتعطيل اي تطور يمكنه ان يؤدي الى رضوخ أقل.
يواصل جاك الاستغراق في أحلامه على رغم تهديدات النقيب، ويتعلم لغة الأهالي وينال ثقتهم لاحترامه إيمانهم وطريقة تفكيرهم ورؤيتهم للأشياء. يسكن مع مباركة، المومس الفقيرة، التي كانت تجسيدا لبلدها وعرقها، بحزنها وصمتها، وعدم قدرتها على الفرح والضحك، فيحب من خلالها حلمه الشخصي، وحين يرفض استعمال حق العقاب يفقد هيبته عند الأهالي، فيتمردون على صداقته، فيتهشم سحر حياته. في النهاية يرحل منفيا مطرودا من الارض التي رحل اليها كي يعيش ويحب. لم يكن يشبه الاخرين ولم يرد ان يطأطئ رأسه تحت نير رداءتهم المستبدة.
الصبية الحسناء في قصة "تاعليث" تكرر موقف الطبيب، فتقايض حياتها بالموت رفضا للرداءة والابتذال. أما قصة "اليد" فتسجل ذكرى شخصية مخيفة للكاتبة تعود الى مدينة سوف القاسية، الارض المتعصبة والرائعة التي كادت تأخذها الى الابد في احدى مقابرها، حيث شاهدت كيف اقتطعت ساحرة ملعونة يد جثة، كي تستخدمها في عجن خبز، لتطعم بعض التعساء فتجف قلوبهم، ليموتوا ببطء بعد استيلاء الكآبة على ارواحهم.
بين حالم وقائد حرب تتوهج صورة الجزائر، ومعها ترفرف نسائم حرية مصادرة، واعتراف إنساني شجاع بإفلاس الاحتلال. في رحاب الشغف وقصص المحبين الحزينة، تستكين الروح الثائرة وتعلي اسمها: إيزابيل إبرهاردت.

لتحميل الكتاب اضغط هنا
رسالة اليك: لا تنسى ترك تعليق ويشرفنا تواجدك معنا
أصدقاء(تواصل)
تعليقات Facebook
0 تعليقات Blogger

لا توجد تعليقات على موضوع " ياسمينة - ايزابيل ابرهاردت كتاب مطرجم بالعربية "

إرسال تعليق